تم نشره في August 18, 2024
تعد مسألة انتقال العامل من جهة عمل إلى أخرى، وخاصةً إلى منافسٍ مباشر، من القضايا الهامة والحساسة في بيئة العمل، سواء على مستوى الشركات أو الأفراد. في المملكة العربية السعودية، نظم النظام القانوني هذه المسألة بدقة بهدف تحقيق التوازن بين حماية حقوق العمال من جهة، وحماية مصالح أصحاب العمل من جهة أخرى. ومع التطور السريع في سوق العمل السعودي وزيادة المنافسة بين الشركات، أصبح موضوع انتقال العمالة محط اهتمام كبير، مما يستدعي تسليط الضوء على الضوابط القانونية التي تحكم هذا الانتقال وتأثيراتها على الأطراف المعنية.
تواصل مع محامي مختص في قضايا العمل من خلال تطبيق شورى
ظاهرة انتقال العامل إلى منافس آخر في السعودية تشير إلى انتقال موظف من جهة عمله الحالية إلى جهة عمل أخرى تعمل في نفس المجال أو النشاط التجاري، مما قد يؤدي إلى منافسة مباشرة. هذا الانتقال يثير قضايا قانونية تتعلق بحماية الأسرار التجارية والالتزامات التعاقدية مثل عقود عدم المنافسة، ويخضع لتنظيمات قانون العمل السعودي لضمان حقوق الأطراف المعنية.
فيما يتعلق بشرط عدم المنافسة وفقًا لنظام العمل السعودي، يُعتبر هذا الشرط وسيلة قانونية يمكن لصاحب العمل من خلالها تقييد العامل من العمل لدى جهة منافسة بعد انتهاء عقده. ولضمان صحة هذا الشرط وتطبيقه بصورة قانونية، يجب أن يستوفي عدة شروط أساسية كما نصت عليها المادة ٨٣ من نظام العمل السعودي:
يجب أن يكون شرط عدم المنافسة مكتوبًا بوضوح في عقد العمل أو في اتفاق منفصل، بحيث يكون العامل على دراية تامة بما يتضمنه الشرط من التزامات.
يجب أن يكون الشرط محددًا بفترة زمنية لا تتجاوز سنتين من تاريخ انتهاء عقد العمل، وذلك لضمان عدم تقييد حرية العامل لفترة طويلة وغير معقولة.
ينبغي تحديد نطاق التطبيق الجغرافي للشرط، مثل تحديد أماكن وجود فروع الشركة أو المناطق التي قد تؤثر على مصالح صاحب العمل.
يُلزم الشرط العامل بعدم العمل في نفس مجال عمل الشركة، مما يعني أنه لا يمكن للعامل العمل في نفس المجال أو الوظيفة التي كان يشغلها لدى صاحب العمل السابق.
لصحة هذا الشرط، يجب أن يكون لصاحب العمل مصلحة جدية وحقيقية في تقييد العامل، مثل أن يكون العامل قد اطلع على أسرار تجارية أو معلومات حساسة تخص الشركة. هذه الشروط تهدف إلى تحقيق التوازن بين حماية مصالح صاحب العمل وبين حق العامل في العمل وحرية التنقل الوظيفي، بحيث لا يتم استخدام شرط عدم المنافسة كأداة للحد من فرص العامل بصورة غير عادلة.
فيما يتعلق بشرط عدم المنافسة في عقد العمل، هناك عدة شروط يجب توافرها لضمان صحته وفعاليته، وهي:
يجب أن يكون العامل من الفئة المهمة في المنشأة، مثل أولئك الذين لديهم معرفة مباشرة بعملاء صاحب العمل أو الذين يلعبون دورًا مهمًا في عمليات الشركة. لا يعتبر العامل الإداري أو المهني الذي لا يتعامل مباشرة مع العملاء مصدر خطر كبير على صاحب العمل.
يجب أن يكون العامل من بين الذين يطلعون على أسرار العمل الخاصة بالمنشأة، والتي يحرص صاحب العمل على حمايتها. لا ينطبق شرط عدم المنافسة على العامل العادي الذي لا يتعرض للأسرار المهنية، بل يجب أن يكون من العاملين المتميزين مثل المهندسين أو الخبراء.
يجب أن يكون شرط عدم المنافسة مكتوبًا ومحررًا بشكل واضح، إما ضمن عقد العمل الأساسي أو من خلال اتفاقية مستقلة. هذا يضمن وضوح التزام العامل والقدرة على تطبيق الشرط قانونيًا.
يجب تحديد شرط عدم المنافسة بدقة، بما في ذلك النطاق الجغرافي الذي يتعين على العامل عدم التنافس ضمنه، ونوع العمل الممنوع، والمدة الزمنية للشرط.
لا يجب أن تتجاوز المدة الزمنية لشرط عدم المنافسة سنتين من تاريخ انتهاء العلاقة بين الطرفين، وذلك لضمان توازن حقوق الأطراف وعدم التقييد المفرط لحرية العامل. تطبيق هذه الشروط يساهم في ضمان فعالية شرط عدم المنافسة وحمايته من الطعن فيه، مما يحافظ على حقوق صاحب العمل ويضمن التزام العامل بالقواعد المتفق عليها.
التوصيات المقترحة للحد من تسرب الموظفين للعمل لدى المنافس:
يجب على المنشأة تنظيم ورشة عمل تضم المختصين في شؤون الموظفين والشؤون القانونية لدراسة الأسباب الرئيسية لمشكلة تسرب الموظفين والعمل على إيجاد حلول وتوصيات مناسبة. إذ أن لكل منشأة ظروفها وأسبابها الخاصة التي يجب أخذها في الاعتبار.
يجب أن تنسجم اللوائح الداخلية، والعقود، والنماذج، والإجراءات مع النتائج التي تتوصل إليها المنشأة من خلال ورشة العمل. هذا التكامل يساعد في حماية حقوق المنشأة بشكل فعال.
يجب دراسة بند النزاع في عقود العاملين لتحديد ما إذا كانت النزاعات ستحل من خلال القضاء، أو التحكيم، أو بناءً على معايير معينة تتعلق بالوظيفة وحساسيتها. يجب اتخاذ هذا القرار خلال ورشة العمل المقترحة.
ينبغي أن يتضمن العقد نصًا واضحًا ومحكمًا فيما يخص بند عدم المنافسة. يجب تفسير هذا البند في العقد نفسه لتقليل مخاطر التفسيرات الضيقة التي قد تنشأ.
يجب أن يتضمن العقد توقيع العامل على إقرار بأن مهنته تسمح له بالاطلاع على أسرار العمل والعملاء وأسرار الشركة. وهذا الإقرار يجب أن يكون مخصصًا للأعمال التي ترى الشركة أهمية خاصة فيها.
يجب أن يتم توقيع العامل على بند السرية وعدم الإفصاح في مستند منفصل، مع التأكد من أن هذا المستند يحقق الشروط النظامية ويتضمن بنودًا واضحة للاتفاق.
في حالة رغبة المنشأة في اتخاذ تدابير إضافية، يمكن التفكير في آليات أخرى مثل تأمينات مالية أو ضمانات قانونية معينة لحماية أسرار العمل ومنع تسرب المعلومات إلى المنافسين. باتباع هذه التوصيات، يمكن للمنشآت تقليل مخاطر تسرب الموظفين إلى المنافسين، وحماية مصالحها بشكل أفضل.
إذا أرادت المنشأة رد الاعتبار عبر القضاء:
على المنشأة تقديم أدلة واضحة تثبت أن العامل خالف شرط عدم المنافسة من خلال العمل لدى منافس آخر. قد تشمل هذه الأدلة عقود التوظيف الجديدة، أو نشاطات العامل التي تدل على انتهاكه للشرط المتفق عليه.
يجب على المنشأة إثبات الضرر الذي تعرضت له نتيجة إفشاء العامل لأسرار العمل إلى المنافس. يمكن تقديم أدلة مثل خسارة عملاء، أو انخفاض الإيرادات، أو استخدام المنافس لمعلومات سرية بطريقة تضر بمصالح المنشأة.
إذا أرادت المنشأة رد الاعتبار عبر التحكيم:
يجب أن يتضمن عقد العمل شرط التحكيم بصياغة دقيقة ومحكمة تضبط المسألة بوضوح. هذا الشرط يجب أن يحدد بشكل واضح أن النزاعات المتعلقة بشرط عدم المنافسة وأي بنود أخرى مرتبطة سيتم حلها عبر التحكيم.
يمكن تقسيم العقود حسب الأهمية والمناسبة كما تراها الشركة، بحيث يكون التحكيم في بعض العقود عبر محكم فرد تختاره الشركة، وفي عقود أخرى يكون عبر هيئة تحكيم ثلاثية. يجب أن يتم ذلك من خلال صياغة قانونية صحيحة تضمن عدم إهدار حق التحكيم بسبب أي خطأ في صياغة شرط التحكيم أو إجراءاته.
ينبغي أن يتم صياغة بند المنافسة بشكل محكم ومحدد بدقة، مع تفسير واضح للبند يحمي من التفسير الضيق الذي قد يؤدي إلى تقييد نطاق تطبيقه.
يجب صياغة بند خاص بعدم إفشاء الأسرار بشكل مفصل، يتضمن طبيعة المهنة التي سيعمل بها العامل ويوضح أن هذه المهنة تقتضي الاطلاع على أسرار العمل والعملاء. هذا البند يجب أن يكون ضمن مستند مستقل يوقعه العامل، بالإضافة إلى ما هو منصوص عليه في العقد.
يبطل شرط عدم المنافسة إذا انتهت المدة المتفق عليها بشأنه، أو إذا انقضت مدة سنتين من تاريخ انتهاء علاقة العمل أيهما أقصر، كما يبطل شرط عدم المنافسة إذا لم يكن محررًا ومحددًا من حيث الزمان والمكان ونوع العمل.
ليس هناك ما يمنع صاحب العمل من وضع شرط عدم المنافسة على العامل بعد انتهاء عقد العمل، إذ اشترط نظام العمل أن يتم النص على شرط عدم المنافسة بشكل مكتوب أي محرر ومحدد، ولم يشترط أن يكون ذلك ضمن العقد. إلا أن أي اتفاق بين طرفي العلاقة العمالية على شرط عدم المنافسة، سيكون محصورًا لمدة سنتين من تاريخ انتهاء العلاقة العمالية بين الطرفين.
شورى هي منصة إلكترونية تعنى بتقديم الاستشارات والخدمات القانونية من خلال ربط نخبة من المحامين المرخصين من وزارة العدل السعودية مع طالبي الخدمات القانونية، وهي منصه مرخصه بموجب سجل تجاري رقم 4650222665
مقالات اخرى
April 15, 2025
نظام الأسماء التجارية والسجلات التجارية الجديد في المملكة العربية السعوديةبتاريخ 3 أبريل 2025، دخل نظام الأسماء التجارية الجديد في المملكة العربية السعودية حيز النفاذ، ليحل محل النظام السابق و الصادر عام 1420هـ. وبلا شك أن هذا النظام يهدف إلى تعزيز الثقة في البيئة التجارية من خلال تنظيم إجراءات حجز الأسماء وقيدها في السجل التجاري، وضمان حمايتها والحقوق المتصلة بها .
قراءة المقال
April 10, 2025
الولاية على القاصر في الأنظمة السعودية: التعريف، الأنواع ،والنطاقالولاية على القاصر تعرف بأنها حق شرعي ونظامي يهدف إلى حماية حقوق ومصالح القُصَّر، أي الأشخاص الذين لم يبلغوا سن الرشد القانوني، والذين لا يستطيعون إدارة شؤونهم بأنفسهم سواء لأسباب تتعلق بالسن أو بالقدرة العقلية أو غيرها من الأسباب
قراءة المقال
April 13, 2025
الفرق بين الولاية والوصاية طبقاً لنظام الأحوال الشخصية في السعوديةتعد كلاً من الولاية والوصاية من المسائل القانونية التي تهدف إلى حماية القُصّر بأنواعهم ومن لا يحسن التصرف في شؤونه الشخصية أو المالية، إلا أن لكل منهما نطاقًا قانونيًا ووظيفيًا مختلفًا. ومن خلال هذا المقال سوف نتعرف عن الفرق بين الولاية والوصاية في نظام الأحوال الشخصية في المملكة.
قراءة المقال
April 8, 2025
اجراءات وشروط رفع دعوى حضانة في المملكة العربية السعوديةتُعدّ الحضانة من المسائل الجوهرية الاصيلة في قضايا الأحوال الشخصية والتي تنظر بشكل دوري في المحاكم، حيث تهدف إلى ضمان مصلحة الطفل في بيئة آمنة ومستقرة بعد انفصال الزوجين. وقد أولى نظام الأحوال الشخصية السعودي الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/73) وتاريخ 6/8/1443هـ اهتمامًا خاصًا بتنظيم مسائل الحضانة بما يتماشى مع مصلحة المحضون ويحفظ حقوق الأبوين.
قراءة المقال